Take a fresh look at your lifestyle.

لبناني يحكي قصة هجرته وحياته في أستراليا منذ ٥٢ عاما

يتذكر اللبناني جريس جبرايل قصة هجرته إلى أستراليا وكيف ضل الطريق عندما عاد أول مرة من العمل إلى محل سكنه وحضوره كارثة جسر غرانفيل.

اللبناني جريس يعقوب جبرايل هاجر في الخامس عشر من يوليو تموز عام 1968، ورغم مرور أكثر من 52 عاما على مغادرته وطنه الأم لأول مرة، إلا أنه لا زال يحسب الوقت الذي قضاه بعيدا عن لبنان بالأيام.

تحدث السيد جريس إلى أس بي أس عربي قائلا: “أمضيت هنا 52 عاما و19 يوما حتى الآن.” كان هذا في الوقت الذي أُجري فيه هذا اللقاء.

ابن كرم المهر في شمال لبنان لا يزال يشعر بحنين جارف إلى قريته التي تركها لأول مرة في عمر الثامنة عشر متجها إلى بيروت: “أنا عمري 72 عاما، لكني لم أنام مرة وأحلم إلا بالمكان الذي كنت فيه في قريتي كرم النهر، حيث كنا نعمل مع أبي في الأرض، لأننا فلاحين ومزارعين.” وأضاف “كان هذا قبل أن اتجه إلى بيروت من أجل العمل.”

لم يكن جريس جبرايل يخطط للسفر حتى تواصل معه أقرباء له في أستراليا: “كان عمري 19 عاما ونصف وكنت متزوج، وقال لي أقربائي أنهم يستطيعون مساعدتي على الذهاب إلى أستراليا.”

ما زال يتذكر العرض الذي أخبروه عنه: “قالوا لي إن كنت تتقاضى في بيروت ليرة في اليوم، فإنك في أستراليا ستتقاضى دولارا في الساعة.” وأضاف “فكرت وقتها أن نذهب لقضاء خمس سنوات هناك ثم نعود إلى لبنان.”

لم يكن جبرايل يعلم أن سيدني ستصبح مدينته الجديدة: “من يأتي إلى سيدني لا يمكن أن يتركها لأن أستراليا كما نرى في الأخبار هي أفضل بلد في العالم من حيث تكريم رعاياها.” وأضاف “الحمد لله، أنعم علينا الله بعائلة صالحة، وأصبح من الصعب علينا أن نترك أولادنا وأولاد أولادنا ونعود إلى بلادنا.”

لم تكن الرحلة سهلة خاصة في نهاية الستينات، حيث كانت العوائق كبيرة من حيث اللغة والتنقل ومعرفة البلاد، ولكن في نفس الوقت كان هناك طلب كبير على العمالة. وصل السيد جريس وحده في البداية وقضى ستة أشهر قبل أن تنضم إليه زوجته.

وقال “دبرنا شغل في أحد المصانع، لكن الوضع كان صعب، فلا كنت أعرف وقتها اللغة ولا القراءة ولا الكتابة، ولكن أستراليا كانت بحاجة إلى يد عاملة، فلم يكن هناك قدرة على التواصل مع الأستراليين، كله كان بلغة الإشارة، فمثلا إن أراد أن يطلب مني تنظيف الأرض، يأتي بالمكنسة ويقوم بعمل حركة الكنس بيديه ثم يعطيني أياها.”

قضى جريس أول فترة من هجرته عند أحد الأقارب في حي كامبسي، حيث كان هناك أربعة أسرّة في الغرفة الواحدة، وكل شخص يضع شنطة سفره أسفل السرير: “لم نكن نعرف البلد، ولم يكن بإمكاننا الذهاب إلى أي مكان، فكان من الممكن أن نلعب الورق أو غيرها ولكننا لا نستطيع المغادرة.”

كان المصنع الذي يعمل به جبرايل هو مصنع للطباعة، لعلب البسكويت أو الدخان، لكنه في البداية لم يكن يعرف طريق الذهاب والعودة: “لم نكن نستقل المواصلات، كنا نمشي ذهابا وعودة لمدة نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة.”

حان وقت الاستقلال بالنسبة لجبرايل، وأن يعود في يوم بمفرده إلى المنزل: “سألني الشخص الذي كنت أذهب معه إن كنت أستطيع العودة بمفردي، فاستحيت أن أقول لا.”

تحرك جبرايل في طريق العودة ليجد نفسه على الطريق السريع: “ما زلت أذكر اسم الشارع حتى الآن، ميري ستريت، وعندما وصلت إلى هيوم هاي واي، قلت لنفسي ليست تلك هي المنطقة التي كنت أصل إليها.”

عاد مرة أخرى إلى المصنع وكانت الساعة قد وصلت إلى الواحدة والنصف صباحا، فقرر المحاولة مرة أخرى للعودة إلى المنزل، ليجد نفسه على الطريق السريع مجددا، وقتها شعر جريس بالحزن على حاله: “لا يوجد أحد لا يأخذ على خاطره، وبدأت بالبكاء وعزت علي الدنيا، وقلت لنفسي ما الذي حدث لي، لما وضعت نفسي في هذا الموقف.”

استجمع نفسه مرة أخرى وعاد للبحث عن المنزل “سبحان الله الذي ألهمني واستطعت التعرف على الشارع والعودة للمنزل.”

كانت هذه اللحظة أول مرة يشعر بمعنى الاغتراب في أستراليا: “عندما عدت وجدت أنه لم يقلق علي أحد، وقلت لنفسي من ممكن أن يقلق عليك، لا أمك ولا أخوك ولا زوجتك موجودين.”

Granville rail disaster

حضر جريس جبرايل كارثة انهيار جسر غرانفيل عام 1977، عندما خرج أحد القطارات عن مساره واصطدم بأحد الجسور والذي انهار على اثنين من عربات القطار المكتظة بالسكان.

وراح ضحية الواقعة 83 شخصا وأصيب 213 آخرين وتضرر حوالي 1300 شخص إجمالا. تعتبر تلك الواقعة أسوأ حادثة قطارات في تاريخ أستراليا وأكبر خسارة للأرواح في أستراليا في منطقة واحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

يتذكر جريس جبرايل هذا اليوم: “أنا كنت ذاهبا لتناول القهوة عند أخي في غرانفيل، حيث يسكن على بعد 200 متر عن الجسر، وعندما سمعنا صوت الاصطدام ركضنا إلى الخارج.”

وأضاف “وصلنا لنجد الجسر قد سقط وهناك سيارات شرطة وإسعاف في كل مكان.” وقال “كان الأطباء والممرضين ومن لديهم معرفة بالإسعافات الأولية، هم المسموح لهم بالمساعدة، وأنا كنت واقف هناك أشاهد الواقعة وأرى الناس تصرخ ولكني عاجز عن المساعدة.”

وقال “نزلت دموعي وقتها، لأنني غير قادر على تقديم المساعدة، وتمنيت لو كنت ممرض أو طبيب لأتمكن من المشاركة في جهود الإنقاذ.”

وبعد تلك المسيرة الطويلة في أستراليا والتي بدأت في الستينات، يرى جبرايل أن أستراليا قد منحته ما يكفيه له ولأبنائه لعدة أجيال، رغم أنها أخذت منهم عمل شاق ومجهود ومساهمة في بناء الدولة الموجودة حاليا.

مصرية هاجرت منذ سنة : أستراليا هي البلد الوحيد الذي أدعوه وطني

لبناني يحصل علي ميدالية الشجاعة في كانبيرا لانقاذه سيدة مسنة

Leave A Reply

Your email address will not be published.