في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية السريعة، شهدت الأسواق المالية تراجعا حادا، وانخفض سعر صرف الدولار الأسترالي، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن فرض رسوم جمركية جديدة استهدفت معظم شركائها التجاريين، بما في ذلك أستراليا.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول تأثيراتها المحتملة على قطاع الإسكان الأسترالي، الذي يُعد أحد أبرز دعائم الاقتصاد المحلي وأكثرها نشاطا.
ورغم أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تستهدف سوق العقارات بشكل مباشر، إلا أن تأثيراتها قد تمتد إليه من خلال التأثير على التجارة العالمية وثقة المستهلك والنمو الاقتصادي بشكل عام، حيث تم فرض رسوم بنسبة 10% على الواردات من أستراليا، في حين تعرضت بعض الدول الأخرى مثل الصين لرسوم أعلى بكثير بلغت 104%.
ويعتقد العديد من المحللين الاقتصاديين أن العامل الأهم في مستقبل سوق العقارات الأسترالي لن يكون الرسوم الجمركية بحد ذاتها، بل كيفية استجابة البنوك المركزية والحكومات لهذه التطورات.
وفي هذا السياق، أشار تيم لويس، رئيس قسم الأبحاث في شركة “CoreLogic” لتحليل الأسواق العقارية، إلى أن “الصدمات الاقتصادية غالبا ما تتبعها إجراءات تحفيزية مثل خفض أسعار الفائدة، وهو ما بدأنا نلاحظه في الفترة الحالية”.
ويتوقع لويس أن تؤدي تخفيضات الفائدة المتوقعة بواقع 0.5 نقطة مئوية في مايو، وربما نقطة مئوية كاملة بنهاية العام، إلى تحفيز سوق العقارات، حيث أن الفائدة المنخفضة تعني قروضا عقارية أرخص، مما يعزز قدرة الأفراد على الاقتراض ويزيد من الطلب في سوق يشهد أصلا نقصا في المعروض.
ومع ذلك، أشار لويس إلى أن هذه التخفيضات لن تُحدث فارقا كبيرا في قدرة الأفراد على تحمل تكاليف السكن، ولكنها قد تساهم في تعزيز ثقة المشترين في السوق.
من جانبه، يرى الدكتور لوك هارتيغان، أستاذ الاقتصاد بجامعة سيدني والمستشار السابق في بنك الاحتياطي الأسترالي، أن استقرار سوق العمل يعد العامل الأكثر أهمية في تحديد اتجاهات أسعار المساكن، حيث قال: “ما دام سوق العمل مستقرا، لن نرى تدهورا كبيرا في أسعار العقارات”.
وأضاف هارتيغان أن الأستراليين غالبا ما يواصلون سداد قروضهم طالما كانوا يحتفظون بوظائفهم، مما يقلل من احتمالات حدوث انهيار في السوق العقاري حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
ورغم التقلبات في الأسواق العالمية، لا يتوقع الخبراء حدوث تراجع كبير في أسعار العقارات الأسترالية، بل إن السيناريو الأكثر احتمالا، وفقا لهم، هو استمرار الارتفاع ولكن بوتيرة أبطأ، نتيجة للقلق السائد بين المشترين، خاصة أولئك الذين يشعرون بعدم اليقين بشأن مستقبل وظائفهم أو يواجهون صعوبة في الحصول على التمويل.
وقد أظهرت بيانات “CoreLogic” أن أسعار المنازل قد ارتفعت بنسبة 0.4% في مارس الماضي، وهو ارتفاع مدفوع بتخفيض الفائدة الذي أعلنه مصرف الاحتياط في فبراير، وهو أول خفض منذ عام 2020.
ويعكس هذا الارتفاع الجزئي عودة تدريجية للثقة في السوق، رغم التحديات المستمرة المتعلقة بارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
ومن الواضح أن أصحاب العقارات الحاليين هم المستفيدون الأكبر من هذه التحولات، فإذا ارتفعت الأسعار، فإن قيمة ممتلكاتهم سترتفع، مما يعزز ثرواتهم.
أما الباحثون عن منزل لأول مرة، فقد يواجهون صعوبة أكبر في الدخول إلى السوق، خاصة إذا تراجعت استثماراتهم في أسواق الأسهم أو الصناديق المدارة.
وقال هارتيغان: “الذين يمتلكون سيولة أو عقارات بالفعل هم الأكثر استفادة”، مضيفا: “العديد من المشترين المحتملين قد يجدون أنفسهم خارج اللعبة إذا ارتفعت الأسعار مجددا”.